لاستاذ الدكتور مـحمــد أبو عــلي

لاستاذ الدكتور مـحمــد أبو عــلي
( أستـاذ وإن تاخــرت ترقــيتـه)

بقلم دكتور / أحمــد مصـطـفى
دكتوراه في النقد والبلاغة

ذكرته كثيرا في مقالاتي السابقة ،لكن أول لقاء بيني وبين الدكتور محمد أبو علي كان في بداية سبتمبر)خريف 2017 م( ،إذ كنت أسمع اسمه يتردد كثيرا على ألسنة طلاب كلية الآداب قسم اللغة العربية ممن أقابلهم في قريتي أو القرى المجاورة ،يمتدحون حسن خلقه وتواضعه وإخلاصه،ولعله ورث هذه الصفات عن أبيه الشيخ الجليل الراحل وأستاذه العلامة حلمي مرزوق رحمهما الله .
وحين انتهيت من إجراءات تسجيل الدكتوراه ،أخبرني أحد أصدقائي بالكلية أن في الدور الثامن لقاء علمي حول شعر أمل دنقل )قصيدته لاتصالح قراءة نقدية بلاغية( ، ولحرصي على حضور مثل هذه اللقاءات طرقت الباب ودخلت ؛فوجدت لفيفا من الباحثين والطلاب يحاضرهم الدكتور )عيد بلبع( وكان الدكتور )أبوعلي( يجلس بجواره على المنصة مقدما ومحاورا ومعلقا أحيانا ووجدتني مسرعا قد أجريت مداخلة دون إذن أوطلب الكلمة ،ولعل هذه المداخلة أحدثت -شيئا من المضايقة للدكتور) بلبع( مع تقبله باسما مداعبا ،لكن الدكتور )أبو علي( ولم يكن –يعرفني قال : ممكن تعرفنا بحضرتك؟ قلت أنا فلان وذكرت اسمي والمرحلة التي أدرس بها ، -فقال الرجل من مشرفك؟ قلت : مازالت أوراقي طي مكتب التقديم ، فشكرني وقال أهلا وسهلا .
وانتهى اللقاء وقد ترك لدي انطباعا خاصا في حسن الرد والتجاوز وحسن الضيافة ، وأنا الأزهري الغريب عن الكلية ، لم اشعر لحظة أني أقل من أقراني وأصدقائي ودا ومعاملة ،فالأمر مرجعه الجد والاجتهاد ، والإخلاص للغة والبحث العلمي، وليس الخبر كالمعاينة كما في مسند أحمد .
وفي المرة الثانية تداركت شيئا نسيته في أوراقي وقد أخبرني الأستاذ )كريم ( أن الملف في مكتب الدكتور )أبو علي ( فارتقيت درجات السلم للدور الأول بالكية )مقرقسم اللغة العربية وآدابها ( فرأيت الرجل في الطرقة يستمع باهتمام بالغ لشكوى عجوز جاءت تطلب رحمة ورأفة ببنتها الطالبة في مرحلة الليسانس، ورأيتها وهي تشد على يد الرجل باكية راجية ،وهو على مهامه ومشغولياته يقف بأدب جم يسمع شكواها ويثلج قلبها بكلماته:” ياأمي إن -كان لها حق ستاخذه ،لكني لن أفعل شيئا يخالف ضميري والقانون ” .
كنت أقف على بعد خطوات من الرجل ،ربما لم يراني ،وحين انتهت السيدة ،دخل مكتبه على عجل ،فألقيت السلام وحدثته في حاجتي فقضها بكل يسر وسهولة .بدأ العام التمهيدي لمرحلة الدكتوراه ؛ فكنت رابع أربعة يدرس لهم مادة الأسلوبية ، وهذه المادة كدية عظيمة تعترض الباحثين في جامعات مصر ،وكثيرا ما تسببت في تراجع الطلاب عن مواصلة الدرس الأدبي بشهادة بعض الطلاب في الجامعات الأخرى.
لكن الدكتور)أبوعلي ( له طريقته المميزة في الدرس والشرح ، فلم يدخر وسعا في تذليل الصعاب .ولم يبخل بجهد في الحوار والمناقشة ،بل استدعى طلاب الدكتوراه ممن لهم باع في الدراسة الأسلوبية ، وعقد حلقات مناقشة معنا ومنحنا من تجربته في الأسلوبية ماجعل الأمرهينا .. وحين عقد مجلس القسم سيمنار لمناقشة أطروحتي للدكتوراه ،كان أكثر الحضور همة، يتحدث وكأنه سهام انطلقت وبركان من العلم ينفجر ،لكن نيرانه نيران صديقة ،وإن انفعل،وإن تغيرت نبرات صوته ،تبقى كلماته لايخاطها عيب ولايسبقها لوم ،وأشهد أن الرجل غير موضوع بحثي للأجمل والأحسن فصار الموضوع أكثر جدة وطرافة مما كان عليه أولا بشهادة كبار النقاد في جامعة الأزهر الذين أكدوا ،أن الدكتور) أبوعلي( خدمك خدمة عظيمة وحول بحثك من مجرد بحث تقليدي إلى بحث في انثروبولوجيا الأدب .
بكل صراحة أحببت الرجل وصارمن أقرب الناس لقلبي وفكري، لايرد لي سؤلا،ولايبخل علي بنصائح ، يسال عني في كل حالاتي ، ويدفعني ويشجعني في كل مقالاتي ، ولست الوحيد الذي ينال رعايته وحسن متابعته ،فكثير من أبناء قسم اللغة العربية يشهد له بذلك وزيادة …

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏يبتسم‏‏
ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

Related posts