طاسة الخضة .. أصل الحكاية !!

 
 
كتب – محمد مأمون .
 
طاسة الخضة ، جملة طالما سارع العديد بإقتراحها على البعض ممن ينتابهم شعور بالخوف والقلق دون أن يدري أو يفقه شياً عن تأصيل الكلمة أو موروثها الثقافي في العديد من مجتمعاتنا العربية .
 
الحقيقة أنه لا يوجد تأصيل تاريخي لـ “طاسة الخضة” سوى أن أسطورة روت أن ملك الجان الطيبين كان يستخدمها في الإستحمام ، ثم نسيها في يوم من الأيام بجوار ينبوع ، وصادف أن وجدها رجل كان يمر بالمكان وإكتشف أهميتها ، فصنع منها نسخاً كثيرة بأشكال وأحجام مختلفة .
 
ويرجح بعض الباحثين أن إستخدام هذه الطاسة يرجع إلى العصر الفرعوني إستناداً لوجود تمثال من الغرانيت الأسود في المتحف المصري يقوم على قاعدة لكاهن ساحر يدعى “زحر” بها تعاويذ سحرية ، فكان إذا أصيب أحدهم بمرض ، صب الماء على التمثال ليتشبع بالتعاويذ ويشربه المريض ، إلا أن الرأي الأرجح أنها ظهرت لأول مرة في العصر الفاطمي .
 
ويُعد شكل “الطاسات” واحد لكن حجمها يختلف أحيانا ومعه تختلف الوظيفة ، فالطاسة الصغيرة تُستَخدم في الحالات المرضية الخفيفة ، كنزع الخوف عن الإنسان وحمايته من الكوابيس ، أما الكبيرة فهي للحالات الصعبة كالتسمم ولسعة العقرب والصرع وإبطال مفعول السحر .
 
أطراف تلك الطاسات مزينة بأقراط وأجراس ومفاتيح صغيرة جداً وخفيفة تتدلى منها ، وهي حسب وصف البعض مفاتيح الفرج من الهموم ، أما الأجراس فغرضها إزعاج الأرواح الشريرة وطردها من جسم المريض .
 
أما جوانب الطاسة فهي مفرطحة ، ويحيط بحافتها من الداخل شريط دائري مكتوبة عليه آيات قرآنية وأسفله مجموعة من الدوائر المتجاورة تحتوي على أدعية ، منها “يا منان – يا حنان – يا حليم – يا قيوم”
 
وتستخدم “طاسة الخضة” في علاج ظاهرة الخوف الشديد عند الكبار والصغار ، ويتم ذلك بأن يوضع في داخلها القليل من الماء والسكر وسبع حبات من الزبيب أو التمر المنزوع النوى ، أو حتّى الفول للطبقات الفقيرة جداً من غير القادرين ، وتوضع بعد العشاء في منطقة مكشوفة مُعرّضة لضوء القمر ثم ترفع في الصباح الباكر قبل طلوع الشمس عليها ، ليشرب المرعوب الماء الموجودة فيها ويأكل الثمار أيضاً ، وقد تستخدم لليلة واحدة أو ثلاث ليال ، بحسب الحالة الصحية للمريض .
 
وعلى عهدة من يشتغلون بهذه الطريقة فإنه يحذر من أن ينسى المريض الطاسة حتّى تطلع الشمس عليها لأنّ عواقب ذلك وخيمة ، وقد يتعرض المريض للأذى من الجنّ نتيجة لذلك أو تتفاقم حالته .
 
وعلى الرغم من أن الطاسة ليست سوى خرافة ، إلا أن الغالبية لا يستطيعون التطاول عليها أو التشكيك في إستخداماتها ، ولا يجدون جدوى من نقدها ، خاصة أن طقوسها إن لم تكن تنفع فهي لن تضرّ أيضاً .
 
أشهر “طاسة خضة” موجودة حالياً في المتحف الإسلامي وهي طاسة السلطان عز الدين أيبك أول سلاطين المماليك ، وما زال يتم تصنبعها حتى الأن بالمشغولات النحاسية ، وتعرفها النساء من الطبقات الاجتماعية المختلفة ، بينما تحتفظ بها العجائز منهن في مكان مظلم ومعتم وملفوفة بقطعة من الخيش السميك ولا يتم إخراجها في وضح النهار إطلاقاً .

Related posts