بمناسبة يوم المرأة المغربية درة التعقل وحكمة المواجهة بقلم

بمناسبة يوم المرأة المغربية
درة التعقل وحكمة المواجهة بقلم
محمد ابراهيم الشقيفي
معالجة القضايا المتعلقة بالهوية ، جرأة يحسد من أقدم عليها بكل شجاعة ، وهو يصعد فوق أدراجها متزن بكل ثبات وإصرار على الفوز و الإنتصار ، ودون أن نستشعر حالة عدم الإنتماء والتقزم ، ونصاب بلعنة الخوف ، من شبح يسكن ظلمات الفزع ، علينا أن نستيقظ من غفلة التنكيل بمهارات إمرأة وهبت نفسها لكي تناضل من أجل نصرة أمة ، تتأصل عقيدتها فى سكنة الحق ،لا تهمش مبادئها فى جوف الليل و الصدق يبكي فى الجوار .
القوة الحقيقية تكمن فى اقتناص الصياد المحترف لحظة الفجر الحاسمة ، من خلالها يفرض وجهه نظره الصائبة ، بحنكة تمكنه من القدرة على المواجهة دون تراجع ، إنها حكمة التعقل النابعة من قلب الدرة البيضاء ،التي تتمتع بفطنة تعلو منطق المبالغة فى الجمال .
وفى ظل طفرة الكلمة المؤثرة تخوض المرأة العربية الحرب الدائرة إلى جوار بركان ثائر ، والساحة تضج من اشتعال غضب شعبي ، الأمر يستوجب التمحيص فى كيفية إتقان فن إدارة تلك الأزمات ، والتعبير بلغة حوارية عن تفادي العثرات ، ولا سيما ترصد عدسة العين إرادة تحركها أنامل القوة الناعمة ، تملك تطويع لؤلؤة لامعة ، تضيء سماء ظلمة التضليل ، وفى ظل افتقاد بريق المصداقية ، واشتعال جمرات الصحافة الصفراء التي تشوه القيم الجمالية للثقافة ، تظهر درة مشكاة المغرب ، التي تحمل صفات أهل مراكش ، تبدع دون شخصنة تعالج تعرج التحديات ذات الرمزية المجتمعية ، التي تخص قضايا هجرة المرأة وما يقابلها من عقبات ، و عبر بوابة الإعلام من خلال لغة الأدب ، ومتعة الحوار المتضمن رقي التمعن ، وداخل مظلة الابتكار اللغوي ، يفرز التنوع بصبغة حساسة ، على الشاشة وجوه مقنعة، من أبرز سماتها تقديم العرض بحيادية . الراقية بما تحمله الإطلالة الجميلة ، والكاتبة ذات النطاق الفكري المتفرد الأستاذة/ هند الصنعاني مغربية الأصل ، درة الدارالبيضاء ، التي نالت شهادة التسيير والمحاسبة من المعهد العالي للتسيير والتجارة ، والتي تعادل بكالوريوس التجارة (شعبة إدارة أعمال ) أفرز جهدها الدؤب مادة أدبية دسمة للفكر بعد اجتيازها بوابة الإعلام ، أحدثت التجانس التبادلي لفهم التراث ما بين القاهرة والرباط ، من خلال عملها فى سفارة المملكة المغربية بجمهورية مصر العربية ، حرصت على التبادل الثقافي الحواري .
تناولت الصنعاني أهم القضايا الاجتماعية والثقافية المسكوت عنها ، نظير حساسيتها ، وأبرزها قضايا المرأة والمهاجرات ، لكن صحيح الخبر لا يفي بالغرض ، إلا بعد تحري دقة المصدر ، حتي تكتمل الثقة بين القارئ والكاتب .
ومنذ نشأة أول صحيفة بفرنسا عام 1632 علي يد (جازيت دى فرانس ) طبيب الملك آنذاك ، برعاية لويس الثالث عشر ، والكلمة تعبر عن مبادئ إحترام الأخلاقيات ، تجد الفكرة ملاذ آمن بعد رحلة الحصول على المعلومات ، ومن هنا استوجب الأمر وضع لمسة الحيادية نصب عين الكاتب صاحب أمانة الكلمة ، وهو يتناول توصيف ما يستجد أو ماهو قائم على أرض الواقع . ومن أبرز الأمور القاحلة فى عرض المحيط ، تناولت الصنعاني العضو الفعل بحزب الشعب الجمهوري قضايا المرأة العربية ، خاصة إنها شريك استراتيجي في بناء القدرات والقيم ، تساهم في ترسيخ مبدأ العقيدة فى وجدان الأمم ، ورغم أن قضايا المرأة مصطلح شائك ، يحتاج إلى تعريف دقيق يضيف للمعني ولا ينتقص من قدر المضمون ، إلا أن الأسلوب الذي انتهجته عضو الإتحاد الإفريقي الآسيوي للمرأة فى مقالاتها المتجددة ، أشبه بمفتاح غير وجهة مفاهيم الأبواب المغلقة ، تتناوب الصنعاني فى سطور أدبية ، بلكنة تناسب لغة البدو والحضر ، جوهر المواضيع الإجتماعية والقانونية التي تعترض سفينة المرأة المهاجرة وما يقابلها من عنف قسري ، واستغلال بدني يهدر كرامتها الآدمية ، جسدت الحال المحبط من خلال إحدى رواياتها التعبيرية ( أحلام من المحيط ) ، أظهرت ما تعانيه المرأة من الإضطهاد الذي يحتاج إلى دراسة تحليلية من غير عنصرية، نجحت في تصوير التأذي النفسي الناتج عن الطعنات ذات النزيف الداخلي ، إنها صرخة الاستغاثة ضد جرائم الإتجار بالبشر . وضعت العالم فى مأزق عدم تفاديه مسبقاً التهديدات التي تتعرض لها المرأة ، من خلال رحلتها للبحث عن الذات ، دشنت حجر أساس المعادلة بعد أن وضعت تحت المجهر ، فلسفة كيفية إعادة النظر فى بعض التشريعات ، لمواجهة انتهاكات حقوق الإنسان ، و تفشي ظاهرة قضايا الهوية ، و صعوبة الإندماج المجتمعي ، وجهت هند الصنعاني المكرمة في مهرجان آفاق مسرحية عام 2024 ، صفعة على وجه الظلم الذي استحل التميز العنصري ، عكست هالة الضوء بأسلوب سلس ، نجح في تجسيد المشاعر المستوحشة التي تعترض دروب النساء فى كافة بلدان العالم ، تصدت إلى بشاعة العمل القسري ، قالت جملتها الرنانة (إلى متي تصمد المرأة وتعيش حالة من الصمت والركب يمر فى الخلاء غير آمن) ، و فى ظل قافلة الجمود التشريعي التي تعيق حرية التواجد نحتاج إلى التزود تدريجياً بوقود يشعل محرك الحرية والعدالة للمرأة.
هند الصنعاني من الكتاب القلائل ، التي تبنت رسم ملامح أشكال الألم المبرح ، التي تتعرض لها المرأة في دوامة الفقد ، بعد سخاء العطاء ، ومحاولة استقطاع جزءا من هويتها رغماً عن أنف إرادتها .
شاركت الإعلامية هند الصنعاني في أعمال جماعية ، أبرزها إمرأة بحجم الحلم ، و تخييل الوعي بالمجتمع في الرواية المغربية ، انتهجت الفكر الإبداعي ومن ثم عمق التعبير عبر الوسائل المرئية لتكون النتائج أقوي ، قدمت برامج تلفزيونية وثقافية بعد انتقالها لمصر ، وكانت شرارة البدء المحقق للنجاح برنامج “ليلتنا عربية” عام 2022 ، حملت مسؤولية الكلمة من خلال أدواتها النقاشية ، وهي تحاور الشخصيات بهدف معالجة ما يشوب القضايا ، التي تأخذ حيز الخطورة ، فى دروب المجتمع العربي ، ونتاج لجهد لا يستهان به على الصعيد الإعلامي ، وقفت تلك المبدعة على سجادة مهرجان الإعلاميين الدوليين عام 2021 فى ابهي لحظات التكريم .
إنها لؤلؤة طنجة التي نسجت فى إحدى روايتها أن المعاناة الوسيلة الوحيدة التي تجعلني أفهم الحياة ، وعلى الناحية المقابلة على رمال التصور الحسي ، بزغ نجم إتقانها فن إبراز التناقض فى أخلاق الرجل ، ثم صورت مدي طيبة العائلة المصرية التي احتضنت بطلة روايتها ، بعد أن عادت كلما اقترب الحلم إلى نقطة الصفر .
تتناوب الصنعاني فى أداء الأدوار بين الصحافة ومهارة الكتابة، تعتلي منبر الهيبة والوقار على عرش الإعلام ، مكثت غير بعيدة عن الضوء ، تمسك بعزة صولجان المجد ، ومن ثم توجت أميرة على بساط مهرجان الدشيرة الدولي بمدينة أكادير انموذجا ناجحاً في مجال صناعة الإعلام غير التقليدي .
الساحة العربية بلا ريب ، ثرية بوجود كوكبة من المناضلات الأحرار ، وإن كانت الجزائر تفخر بالسيدة/ جميلة بوحيرد ، أشهر مقاومة فى بلادها بثورة التحرير ، فإن السيدة/ هند الصنعاني ، قد حملت على عاتقها أعراف الدار البيضاء ، تشبثت بتقاليد الأعراف ، ورفع راية الوحدة الترابية للمملكة المغربية ، رافضة بشتي صور التعبير كل أنواع الهيمنة والاحتلال ، وقفت فى وجه الإستعمار المقنع ، إنها سيدة قبائل الأمازيغ ، وإن ضل المعني طريق الفهم ، استنبطنا المرادف من المعاجم التي تجعلها أميرة قبائل الأحرار ، لقد ساندت نصوصها الأدبية المتكاملة الحلم بالحرية.
كرمت بحفل جوائز الأفضل عربياً عام 2023 كشخصية مغربية لها تأثير إيجابي ، ومن أبرز ما قدمته ، تعزيز التبادل الثقافي بين مصر والمغرب ، تولت الصنعاني عضو جمعية المراسلين الأجانب بمصر ، رئاسة فرع رابطة كاتبات المغرب بالقاهرة أحدثت تناغم ، عبرت بالكلمة الطيبة عن الوحدة المذهبية مالكية الفقه لمملكة مراكش ، آمنت بارتباط المملكة المغربية بالاقليم الصحراوي ، ناضلت من أجل تحقيق ذلك بكل بسالة.
قدرتها على التوعية الإيجابية ، جعل من فكرها نافذة تطل على حديقة المبادئ التي رسمتها أولى الصحف المغربية (لسان المغرب ) وهى أول صحيفة أسبوعية نشرت بالعربية فى طنجة عام 1907 ، التي تمتاز بتحليل الأخبار والاراء ، كل هذا من أجل بناء خلايا العقيدة غير المستنسخة بوجدان العالم . تسقط دموع النضال بين سطور صفحات الكتاب الأبيض ، والصنعاني تنادي فى علياء الوادي ، إن الصحراء المغربية ، حقيقة إيمانية غير مجهلة ، لا تحتاج إلى وجود وثائق ملكية للاعتراف، إنما التشبث بتراب الثرى ، يمهد إلى اقتراب موكب العرس ، أثناء مخاض العسر ، تأتينا حكمة التعقل في ثياب اليسر ، بعد الحرية و الإنصاف.

Related posts