من عجائب مجتمعاتنا انها هي من ابتدعت الكيل بمكيالين ثم تصرخ متهمة الآخرين انها هي التي تفعل ذلك .. فنحن نتهم الآخرين بالعنصرية رغم اننا أكثر شعوب الارض عنصرية .. أقمنا الدنيا ولم نقعدها علي رسم كاريكاتوري أهبل بدعوي إهانة الرسول وأحرقنا السفارات و هددنا رعايا هذه الدول بالقتل وفجرنا كنائس غير المسلمين في العراق و هاجمناها بالحجارة في لبنان .. رغم أننا نهين كل أتباع الأديان الأخرى يوميا وعلنا في وسائل إعلامنا و مطبوعاتنا ونسميهم أولاد القردة والخنازير ونقول أن كتبهم المقدسة محرفة وندعو عليهم علنا بعد كل صلاة أن ييتم الله اولادهم ونستهزئ علنا وبشغف وإعجاب تام بكل مقدساتهم ونمنع أتباع دياناتهم من أن تطأ أرجلهم أماكننا المقدسة وكأنهم مخلوقات نجسه .. ونطلق علي القتل والذبح علي الطريقة الاسلامية مقاومة عندما يحدث في العراق .. وعندما يحدث نفس الشيء في السعودية أو مصر نسميه أرهابا وضلالا .. نقول ان اهل الكتاب في مجتمعاتنا تمتعوا ومازالوا يتمتعون بحقوقهم رغم اننا نعتبرهم في قرارة انفسنا بل ونردد هذه المقولة علنا اهل ذمة يجب ان يدفعوا الجزية ولا يحق لهم الوصول للمراكز الحساسة في بلاد هي في الحقيقة بلادهم الاصلية.
لا يا سادة يجب ان نعي ان الكراهية طريق ذو اتجاهين والعنصرية كذلك .. يجب ان نعي ان سياسة الكيل بمكيالين هي سياسة مذمومة سواء مارسناها نحن او مارستها أمريكا أو الغرب. يجب ان نعي اننا عندما نعترض علي اليهود لأنهم يعتقدون انهم شعب الله المختار فيجب ان نتوقف في نفس الوقت عن ترديد اننا خير أمة أخرجت للناس. يجب ان نعترف أن ما يحدث في العراق من قتل للمدنيين و العراقيين الغلابة وخطف الاجانب ونحرهم هو ارهاب تماما مثله مثل ما يحدث في السعودية أو مصر ..
أما المشكلة الكبري فهي محاولة انكار الحقيقة ان ما يحدث من عنف و تطرف وقتل ونحر هي ظاهرة عابرة وليدة افكار شاذة لقلة من الشباب .. لا يا سادة ان مايطلق عليه ارهاب هو وليد ثقافة ساكني القبور المنتشرة بين عدد كبير من الشباب و خاصة في الجزيرة العربية وللأسف تؤيدهم بطريقة غير مباشرة المؤسسة الدينية الرسمية ليس فقط في السعودية ولكن في معظم الدول العربية لأن هذه المؤسسات لاتملك الشجاعة الكافية لتفنيد الافكار والفتاوي التي يعتمد عليها هؤلاء القتلة بدءا من بن لادن الي الزرقاوي الي أتباعهما في معظم الدول العربية ..إلي من حرقوا السفارات في دمشق وبيروت .. رجال الدين سواء في السعودية او في الازهر غير قادرين الا علي اطلاق شعارات عامة من قبيل ان الاسلام دين الرحمة ولا يبيح قتل المستأمنين (مما يوحي بموافقتهم الضمنية علي انهم كفار و مشركين) .. الي غير هذا الكلام .. ولكن مواجهة فتاوي و افكار ساكني القبور من أمثال ابن القيم وابن تيمية والمودودي وسيد قطب فهذا ما لايقدر عليه هؤلاء الشيوخ الذين يجيدون التقية خوفا من أولياء نعمتهم وهم بذلك يشجعون امثال المقرن و الزرقاوي علي افعالهم الشنيعة التي جعلت كل شعوب الارض تكره كل ما هو عربي او اسلامي .. لماذا لا نواجه الحقيقة ان شعوب العالم فقدت كل تعاطف مع قضايانا بعد كل أعمال العنف التي نمارسها و علنا علي شاشات التليفزيون .. وأن الرسومات الكريهة في الدانمارك في الحقيقة لا تمثل الرسول بقدر ما تمثل الانطباع الذي خلقناه بأنفسنا في عقول الآخرين بتصرفاتنا و ميلنا نحو العنف وقهرنا للمرأة ورفضنا المبطن والعلني للآخر وعدم احترامنا لحقوق الإنسان …
وقد ساقني حسن الحظ أو سوءه الي منتدي يتبادل فيه انصار هؤلاء المتطرفين الافكار ويطلق علي نفسه انصار الاسلام!!!! فرأيت العجب و تأكدت ان القضاء علي هذه الآفة يحتاج الي جهود مضنية ليست فقط أمنية ولكن الأهم ثقافية ودينية .. القضاء علي هذه الآفة لن يتم الا بقراءة جديدة للدين الاسلامي تتفق والعصر الذي نعيشه ونتخلص من خلالها الي الابد من قراءة ساكني القبور التي أورثتنا هذا التخلف والعنف و القسوة وألا ستكون النهاية ليست فقط لشعوبنا ولكن الاخطر للدين الاسلامي نفسه.