يحي خليفه يكتب
العولمة وأثرها على الهويّة
أثّرت العولمة على الهويّة بأنماطها بدءاً من الثقافة التي تجمع بين أفراد الوطن والجنس الواحد، وذلك من خلال تغيير أنماط المعرفة والتفكير وتحويلها إلى نمط محدد كبداية لظهور مفاهيم جديدة مشتركة بين البشرية بصفة عامّة، والهدف الأساسي من تلك التغييرات خلق عالمٍ جديد بلا حدود ثقافيّة أو وطنيّة تُهيمن عليه الثقافة الغربيّة والقيم والأنماط الأكثر تأثيراً في الإعلام، الذي يُعدّ الأداة الأولى لهيمنة العولمة بكافة أشكالها، وتمتدّ التأثيرات من اللغة؛ حيث يتم استخدام اللغات الغربيّة كلغاتٍ رسميّة في المقررات الدراسيّة وفي الخطاب اليوميّ بين أفراد المجتمع، والتأثير الأخلاقيّ يظهر في انتشار العنف ومظاهر الإباحيّة في الإعلام وشبكة الإنترنت، وأخيراً التأثير على منظومة القيم لتفتيت الفوارق بين الشعوب والهويّات المختلفة التي تتخذ أشكالاً قيميّة متباينة في التعاملات الأسريّة والاجتماعيّة والعلاقات بين الأفراد، وذلك في محاولة لفرض النموذج الغربي والاستهلاك الرفاهيّ.
إنّ الهزّات الثقافية والاجتماعية التي تُحدثها العولمة لدى الشعوب المُختلفة تُؤدّي إلى العديد من المظاهر السلبيّة، فالانسلاخ من الثقافة والهوية القومية والوطنيّة يُؤدّي بالعديد من المجتمعات إلى ردّات ثقافيّة وأخلاقية ينمّيها الشعور القوميّ أو الديني، وقد تتخذ تلك المحاولات أشكالاً عنيفة في سبيل الحفاظ على الوجود، كذلك فإن تغيير السلوكيات السريع في المجتمعات تُؤدّي إلى زيادة معدلات حالات الخروج على القانون والقيم المجتمعيّة السائدة، وهي أمور غير مناسبة لتقدّم المجتمعات، ومع ذلك فإنّ الدول لا تستطيع إيقاف مدّ العولمة بقدر ما تستطيع التحكّم في المظاهر السلبيّة التي تنتج عنه.