المحلة – محمد مأمون .
على الرغم من أنه كان بديناً جداً .. لكنه كان يُعد من الأعلام فى سرعة النكات والقفشات وأصبح أحد الشخصيات الملهمة لرسام الكاريكاتير الشهير ” الكسندر صاروخان” ومن المواقف الطريفة التى كانت حديث الصحف أنه ذهب يشكر الملك فؤاد الذى أنعم عليه بلقب الباشوية سنة 1925 ، وعندما هم بالوقوف عقب إنتهاء مدة الزيارة وجد أن الكرسى الذى كان يجلس عليه قد التصق بمؤخرته وهو واقفاً أمامه دون أن يشعر مما جعل الملك ينفجر ضاحكاً ، وكذلك كل الحضور ، فما كان من سرعة بديهته إلا أن شكى الكرسى إلى الملك قائلا : إن الكرسى يتمسك بى رافضاً أن أغادر مجلس عظمتكم ، مما جعل الملك يدعوه للبقاء وتناول العشاء معه .
نعمان باشا الأعصر عمدة المحلة سنة 1925م وأحد أقطاب حزب الأحرار الدستوريين ، وُلد فى نهايه القرن 18 م ، كان مرشح القصر والحكومة وواحداً من الأصدقاء المقربين للملك فؤاد الأول وله أياد بيضاء على العديد من المشروعات العملاقة حيث كان صاحب فضل كبير في إقامة أول شركة وطنية تختص وتهتم بالصناعات النسجية والقطنية , وتحمل الطابع المصرى الخالص , وتستطيع منافسة الشركات الأجنبية , ومنع إحتكارها للمحاصيل المصرية , والتعامل معها على أنها بلد زراعى فقط ، إنها شركة مصر للغزل والنسيج .
فعلى مساحة 32 فدان تم إنشاء شركة غزل المحلة عام 1927, والذي كان الإقتصادى الكبير طلعت حرب وراء ظهورها بعد أن وقع إختياره على أربعة مدن لتحقيق هذا الحلم والهدف ، وهى أبو كبير بالشرقية ، وسمنود بالغربية ، وسخا بكفر الشيخ ، ومدينة المحلة الكبرى ، ووضع عدة شروط لبدء المشروع فيها ، وهى ضرورة توافر مساحات كبيرة من الأراضى للتوسعات المستقبلية, وملائمة الظروف المناخية ، وتفوقت المحلة على الجميع , فكل الشروط كانت متوفرة بها بجانب شهرتها كإقليم زراعى , حقق أكثر من مرة الفوز بأعلى معدلات إنتاج القطن وقتها , فضلاً عن إنتشار صناعات النسيج اليدوى بها , والذى أفرز عدداً كبيراً من العمال المهرة بجانب وجود مدرسة النسيج المصرى التى أنشئت عام 1914 لتأهيل وإعداد الطلاب على صناعة النسيج الميكانيكى .
وهنا إستغل نعمان باشا الأعصر عضو مجلس الشيوخ وعبد الحى باشا خليل أحد كبار تجار القطن الحلم الذى يسعى لتحقيقة طلعت حرب, وقاما بتوفير كل ما يحتاج إليه من مساحات لبناء الشركة, وتم شراء 32 فداناً بسعر 150 جنية للفدان , بناحية أحواض الجيارة واللبانة, زادت فيما بعد إلى 600 فدان , حيث تم إفتتاح الشركة رسمياً يوم 23 إبريل عام 1931م ، وحضر حفل الإفتتاح الملك فؤاد ملك مصر والسودان .
كما أنشأ نعمان باشا أول طريق دائرى للمحلة طوله 4 كيلو مترات والذى حمل إسمه بعد ذلك ليصبح من أهم شوارع المحلة ، ونقل دار العمودية من صندفا إلى مكانها الحالى وإنشاء مجلس بلدى المدينة ، وقام بتحويل الإستراحة الملكية للملك فؤاد في المدينة إلى نادي إجتماعى وهو نادى بلدية المحلة.
بالإضافة لتجديد الجسور والكبارى على بحر الملاح الذي كان مخترقاً المدينة ليصبح بعد ردمه في 1964م شارع البحر ، كم أنشأ ثاني فرع لبنك مصر على مستوى مصر بقصر المديرية الذى أنشأه الخديوى عباس منذ كان حاكما على الغربية .
رحم الله كبير أجاويد المحلة ، نعمان باشا الأعصر .
