بقلم: خميس إسماعيل
أنا… قلمي… وقهوتي.
جلست في ركنتي المعتادة، حيث السكون صديق، ورائحة البنّ رفيق. ارتشفت فنجال قهوتي الساخن، وفي يدي قلمي، يكتب لا عن الحب هذه المرة، بل عن لعبة الكبار… عن الطاقة، السياسة، وعن الصين وأمريكا، حين قررت الأولى أن توقف وارداتها من الغاز الطبيعي الأمريكي.
لم تكن هذه مجرد صفقة طاقة توقفت. لا، كانت رسالة باردة كخطوط الأنابيب، تقول فيها بكين لواشنطن: “لستم وحدكم من يملك أوراق الضغط”.
الصين، منذ أكثر من عشرة أسابيع، لم تستقبل ولو شحنة واحدة من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، في أطول انقطاع منذ خمس سنوات. أما السبب؟ فالحرب التجارية المحتدمة، والرسوم الجمركية التي بلغت 49%، جعلت الغاز الأمريكي غير مرحّب به في الموانئ الصينية.
ارتشفت رشفة أخرى من قهوتي، بينما الأخبار تتحدث عن بكين وهي توطد علاقاتها مع روسيا، أستراليا، وحتى الإمارات، لتؤمن مصادر طاقتها من دون الاعتماد على الغاز الأمريكي.
وهنا، كتب قلمي:
“حين تتشابك المصالح، يصبح الغاز وقوداً للسياسة، لا للمدافئ”.
قلمي لا يُجامل، وكوب قهوتي لا يكذب. كلاهما شهدا على لحظة قررت فيها الصين أن تُبعد الغاز الأمريكي عن موائدها، وأن ترسم ملامح علاقة جديدة مع العالم، بعيدة عن النفوذ الأمريكي.
وهكذا، في ركنتي الصغيرة، حيث أنا وقلمي وقهوتي، شاهدنا معًا فصلاً جديدًا من الحرب الباردة، ولكن هذه المرة… على نارٍ أقل اشتعالاً، وأكثر دهاءً.