الإختلاف ثقافة لا تعنى الإغتيال

 

بقلم /محمد الشافعى

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(13)
[سورة_الحجرات]

لقد خلقنا الله شعوباً وقبائل مختلفين ،فى اللغة والدين والثقافة والعادات والتقاليد وأمرنا بالتعارف والتقارب لا بالتناحر والفرقة والمحاربة ،
ولو أراد الله لخلقنا متشابهين فى الجنس واللغة والثقافة والعادات والتقاليد ولكن خلقنا مختلفين لتتحقق حكمته من الإختلاف ،فالاختلاف ينتج عنه الإبداع والإستمرارية وإعمار الدنيا ، وفيه نفع للبشرية جمعاء ،فما أعرفه أنا تحتاجه أنت وما تعرفه أنت أحتاجه أنا وإلا لكانت هناك شعوبا وصلت القمر وهناك شعوبا مازالت تعيش فى القرون الوسطى ولكن بفضل الإختلاف والتعارف تنتقل العلوم والمعارف ليستخدمها العالم أجمع ،
وما يهمنى هنا هو إبراز كيفية الإختلاف الذى هو حكمة الله فى الأرض
وهنا نطرح السؤال التالى
هل يجوز لى إن أختلفت معك حيال مسألة ما قد تكون رأيا أو قضية أو وجهة نظر أن أغتالك ؟

بالطبع سترد قائلا ودون تفكير ولو لبرهة قصيرة ..لا
هل فكرت فى كلمة الاغتيال على أنها تعنى قتلك ؟
لم اقصد بكلمة الاغتيال القتل المادى بإزهاق الروح ،كنت أقصد الاغتيال المعنوى والنفسي وهذا النوع أشد وطأة من الاغتيال المادى إذ أن مدته طويله وعواقبه وخيمة ، للأسف الشديد نجد بعض الناس إذا إختلف مع آخر يشن عليه حربا ضروسا لا حدود لها وكل الأسلحة مباحة فى تلك الحرب، لمجرد الإختلاف فى رأى أو مسألة ،فيتناول شخصيته ومكانته وحياته الخاصة والعامة وأسرته والمحيطين به بالتشهير ونشر الإشاعات والأكاذيب ، ولا يفوت فرصه ولا مناسبة سواء بداع أو غير داع الا استغلها لتحطيم ذلك البائس الذى وضعه حظه العاثر فى اختلاف مع ذلك المريض نفسيا واجتماعيا الهارب من الإنسانية المتخفى فى عالم الحيوانات بصورة مزيفه لإنسان،
ذلك الذى يتعدى حدود الله والدين والإنسانية لمجرد الإختلاف
أما ذلك الذى يعلم حدود الله ويتدبر أحكامه
فلا تنابز ولا حرب ولا نزاع ولكن إحترام وتجنب الإساءة والحمق
فيختار الفاظه بعنايه ويفكر فى مردود كلماته ، فلا خصام
ولا تناحر ولا تناول لذات ولا أسره ولا إفتراء ولا بهتان
ولا يستبيح حياة خاصه
بل لا يتناول الا نقطة الإختلاف بالمناقشة المتأدبة
وحتى إن لم يلتقيان فى نقطة تجمعهم لا ضير من ذلك
فالإختلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية .
ونعود للآيه الكريمه التى تبين أن الله خلقنا مختلفين
للتعارف وأن أكرمنا ليس من يفوز فى الرأى ولكن الاتقى
لأن العبد إذا اتقى الله فلا تناحر ولا خلاف وإنما إختلاف
فالمغالاة فى الإختلاف والتطرف فيها تؤدى لا محالة للفتن والفرقة لا قدر الله
واذكركم بقول الله تعالى
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا
صدق الله العظيم

Related posts