مهداة إلى روح الشاعر الفلسطيني (توفيق زيّاد) في ذكرى وفاته 5.7.1994

 

===================================
مهداة إلى روح الشاعر الفلسطيني (توفيق زيّاد) في ذكرى وفاته 5.7.1994

الشاعر جواد يونس

==================================
( الناصرة )

عَبِقَ الْقَصيدُ تَحِيَّةً لِلنّاصِرَهْ
فَبِها أُسودٌ لِلْأَعادي قاهِرَهْ

هُمْ شَوْكَةٌ في حَلْقِ مَنْ سَرَقَ النَّدا
مِنْ فُلِّنا بِرِياضِ وَرْدٍ زاهِرَهْ

يا (عَيْنَ آبِلَ) طِبْتِ بِالْعَذْراءِ مُذْ
جاءَ الْمَلاكُ مُبِشِّرًا لِلطّاهِرَةْ (1)

جَبَلُ (النَّبِيِّ سِعينَ) حارِسُ سَهْلِها
(أُمُّ الْمَغاوِرِ) وَالرِّياضِ الْعاطِرَهْ (2)

عاشَ ابْنُ مَرْيَمَ في بَهاءِ رُبوعِها
وَبِها يُسَمّى … فافْخَري، يا ناصِرَهْ

تيهي عَروسًا لِلْجَليلِ بَديعَةً
فَالْحُسْنُ يَسْجُدُ لِلرُّبوعِ النَّاضِرَهْ

وَيُسَبِّحُ اللهَ الَّذي أَعْطى لَها
حُسْنًا عَلا حُسْنَ الْكِعابِ الْباهِرَهْ

=====

يَمْشي قَصيدي فَوْقَ بَحْرٍ مائِجٍ
مِثْلَ الْمَسيحِ وما خُطاهُ بعاثِرَهْ

وَنَثَرْتُ فيهِ الشَّوْقَ لِلْأَرْضِ الَّتي
لا تَنْمَحي مِنْ شِعْرِنا وَالذّاكِرَهْ

وَأتيتُ كي أهديْ الْقَصيدَ لروحهِ
وَحُروفُهُ شِعْري بالمَحَبَّةِ زاخِرَهْ

حُبٌّ لِأَرْضٍ بورِكَتْ بِمُحَمَّدٍ
وَإِلى السَّماءِ بِها الْمَعارِجُ حاضِرَهْ

مِنْ مَكَّةٍ لِلْقُدْسِ أُسْرِيَ بِالْهُدى
فَبُراقُهُ قَدْ بَزَّ أَسْرَعَ طائِرَهْ

لِلشِّعْرِ فيها مَرْبَدٌ تَشْدو بِهِ
شَوْقًا (عَصافيرُ الْجَليلِ) الْحائِرَهْ

كَمْ مِنْ أَديبٍ صالَ فيهِ كَفارِسٍ
وَتَلا الْقَصائِدَ شاعِرٌ أَوْ شاعِرَهْ!

======

ما زالَ (زَيّادٌ) مَنارَتَنا، وَكَمْ
غَنَّتْ قَصائِدَهُ الْجُموعُ الثّائِرَهْ!

نُحْيي لَهُ الذِّكْرى بِـ(يَوْمِ الأَرْضٍ) إِذْ
لطَمَ الصَّمودُ ذَوي الْوُجوهِ الْباسِرَهْ

فَعَلى أَياديكُمْ أَشُدُّ أَحِبَّتي
وَعَلى يَدِ الْأُمِّ الْرَّؤومِ الصّابِرَةْ

مَنْ وَدَّعَتْ أَبْناءَها شُهَداءَ أَوْ
في السِّجْنُ أَمْسَوْا في القُيودِ الآسِرَهْ

داسَ الْحَقودُ الزَّهْرَ في أحْلامِنا
كَمْ قَتَّلوا مِنْ قاصِرٍ أَوْ قاصِرَهْ!

وَالْعُرْبُ في غَيْبوبَةٍ … يا وَيْحَهُمْ
بَلْ بَعْضُهُمْ فاقَ الِّذئابَ الْغادِرَهْ!

كَمْ مِنْ سهامِهمُ تُدَمّي ظَهْرَنا
كم من خَناجِرِهِمْ تُقَبِّلُ خاصِرَهْ!

يَتَآمَرونَ عَلى زُهورِ اللَّوْزِ في
أَرْضٍ لَهُمْ تَهَبُ الثِّمارَ الْفاخِرَهْ!

كَخُيوطِ بَيْتِ الْعَنْكَبوتِ خُيوطُهُمْ
لا يُصْلِحُ الرَّحْمنُ كَيْدَ الْفاجِرَهْ

=====

آمَنْتُ بِالشَّعْبِ الْمَهيبِ جَنابُهُ
سَيُطيحُ، إِنْ يَعْقِلْ، بِأَيِّ مُؤامَرَهْ

يا شعبِ، ما مِثْلُ التَّشَرْذُمِ مَقْتَلٌ
أمّا انْقِسامُكَ في الوَغى فَالفاقِرَهْ

اللهُ وَحَّدَنا بِشِرْعِ المُصْطَفى
أنّى تُفَرِّقُنا ضِباعٌ عابِرَهْ؟!

لَنْ يُرْجِعَ الْحَقَّ الْخُضوعُ لِمُفْسِدٍ
بَلْ سَوْفَ تُرْجِعُهُ السُّيوفُ الْباتِرَهْ!

تَجْتَثُّ أَصْلَ الظُّلْمِ مِنْ أَوْطانِنا
وَتُزيحُ عَنْ صَدْري الهُمومَ الْقاهِرَهْ

صَبْري عَلى الْبَلْوى كَصَبْرِ مَنِ ارْتَوى
ماءَ الرِّضى في الصَّوْمِ عِنْدَ الْهاجِرَه!

أَرْنو لِجَنّاتِ الْخُلودِ وَبَرْدِها
فيها عُيوني نَحْوَ رَبّي ناظِرَهْ

وَطني فِلَسْطينُ الْعَزيزَةُ دائِمًا
تَبْقى بِآسادِ الْمَعامِعِ عامِرَهْ!

وَتَقولُ لِلْمُحْتَلِّ: لَسْتَ بِخالِدٍ
فَغَدًا عَلى الباغي تَدورُ الدّائِرَهْ

إنَّ الْمَجازِرَ لن تَهُزَّ صُمودَنا
بَلْ يَسْتَفِزُّ الدَّمُّ أُسْدي الْكاسِرَهْ!

الظهران، 4.7.2014 جواد يونس
منقحة، 7.7.2019
====================

(1) آبل: الاسم الكنعاني للناصرة.
عين آبل: عين الحياة أو عين العذراء؛ نبع الماء الذي بشر عنده جبريل (عليه السلام) مريم (عليها السلام) بالمسيح (عليه السلام).

(2) سميت الناصرة (أُمُّ المَغاوِر) لكثيرة مغاراتها.

Related posts