عن الحب اتحدث

عن الحب اتحدث

بقلم

الاديبه والكاتبه السوريه / ضحى جهاد احمد

حضور الحب في الرواية العربية
الحب لا يسرد ولكن يُسرد عنه ويظل السارد طول الوقت يردد ما يفعله متتبعا أعماله وأثره في قلوب وسلوك البشر.
ويحضر السؤال الأكثر إلحاحا..
ما الذي أضافه الحب كونه موضوعا وشخصية فاعلة إلى النص السردي؟
وإلى أي مدى لم يكتفِ الحب بكونه موضوعا روائيا وأنه ليس موضوعا بقدر ماهو عنصري تقني داخل في تشكيل عناصر السرد جميعها؟
فهذا المخلوق الساحر يهيء المجال للشخصيات الروائية للدخول إلى مجالها إذ هي قبل أن يمسها الحب كأي شخصية فرعية لا تحمل المؤهلات التي تجعلها صالحة للتقدم وفق المنظور الروائي.
الشخصيات في رواية الحب تقسم إلى فرعين أساسيين :
– شخصية مباشرة وتضم في نطاقها مجموعة متنوعة من الشخصيات الأساسية والثانوية وفق التقسيم التقليدي للشخصيات، سواء شخصيات ترتبط بشكل مباشر به أو في سياقه الروائي.
– شخصية غير مباشرة ولكنها الأكثر تأثيرا ونعني بها الحب نفسه بوصفه شخصية لها فاعليتها في سياق النص السردي وهو الشخصية ذات الحضور الأقوى والأسمى.
فيغدو الحب هو الخفي الفاعل فلا تسأل عن مبرراته فهو مبرر في ذاته، عكس الكراهية مبررة بغيرها.
ويفرض الحب معجمه الخاص الذي قد يتجلى في مفردات تتناثر في سياق النص خالقة نسيجا له طابعا خاصا و منتجا دلالات لها صفة الكلية للنص.
ولا يخفى على أحد أن الأساطير والحكايات والمرددات الشعبية في مختلف الثقافات أجمعت على حضور مميز وجوهري للحب في حياة الإنسان الباحث عن نصفه الآخر ناشدا الاستقرار في عالم موحش.
فكان الأدب وسيلة للتعبير حيث أن الرواية العربية لم تشذ عن هذه السيرورة التي طبعت الرواية الكونية ولونت علاقتها بالحب في تجلياته المتباينة وتعتبر (ألف ليلة وليلة) ذخيرة ومنجما لقصص الحب الخارق ومحكيات المحبين المولهين.
ففي روايات الحب يتجسد الصراع الأبدي بين الرغبة والقانون سواء انتصر أحدهما أو انهزم فليس مهماً وليس الهدف مصير الحب بل هو تشخيص للشغف.
وتحضرنا مجموعة من الأسئلة تبقى معلقة ومحكومة بآرائنا الشخصية.
إلى أي حد تستوحي الرواية العربية الصراع بين المجتمع وتقاليده المحافظة وإرادة المتحابين المتطلعين إلى معانقة الحياة بشكل غير مسبوق؟
وهل انهزم الحب العذري أمام المتعة وحرية الجسد؟ أم الرواية لم تجد بعد طريقها إلى احتضان ديمومة الحب المشتعل؟
مما لا شك فيه أن الروائيين يساهمون في إبداع الحب ذاته وليس كونه عاطفة فطرية وكونية من حيث أشكال التعبير عنه والتي تتغلغل في الثقافة العامة لتصحيح مجموعة من التصورات الخاطئة والعلاقات التي تنتفي فيها الغيرية المحترمة لكلا الطرفين ليحضر الاغتراب والهيمنة.
وتحضر هنا مسألة علاقة الحب بالهوية والمغايرة حيث أن هذا المخلوق البهي يرتبط بالفضاءات الاجتماعية لحرية الفرد.
وترى هل يشترط الحب الحرية شرط وجود أم هو فقط تجلّ لها؟
وتلح مسألة (الحق في الحب) في المجتمعات التقليدية والتناقضات التي تعكسها الرواية في نظرة الثقافات والتي منبعها عدم التوازن في النظرة الذكورية والأنثوية.
إن الحياة، الحب، السرد، ثلاث دوائر تتداخل بقدر التحامها وتلتحم بقدر تداخلها.
ليس مبالغة أن نقول لا حياة دونما سرد ولا سرد دونما حب.
ومع تطور السرد العربي واتساع فضائه واستحداث أنواع أخرى، حيث ظهرت الرواية بوصفها ابنة المجتمع الحديث وربيبة الثقافة المعاصرة.
حيث جاء الحب تقنية تلعب دورها في إنتاج النص وجمالياته والكشف عن طبيعة النفس الإنسانية التي أولتها الرواية عناية خاصة.
مما لا شك فيه أن الحب لعب في الرواية عددا من الأدوار ذات التأثير الأهم، وكان شاهدا على ثقافة العصر والعلاقة الجدلية بين الإنسان والحياة.
ويبقى السؤال الأهم..
هل الحب في الرواية العربية كائن قوي يفرض وجوده وينثر رؤاه وسلوكه على الشخصيات والأزمنة أم أنه مازال هشا ومهزوما؟

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏

Related posts