الشَّبَابُ عِدَّةُ الوَطَنِ

كتب : صابر محمد عبد العزيز

لَقَدْ كَانَ الإِسْلَامَ حَرِيصًا كُلُّ الحِرْصِ مُنْذُ اللَّحَظَاتِ الأُولَى عَلَى إِعْدَادِ الشَّبَابِ لِتَحْمِلَ مَسْئُولِيَّاتِهِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الإِعْدَادُ مُجَرَّدَ تَلْقِينٍ نَظَرِيٍّ وَإِنَّمَا كَانَ تَدْرِيبٌ عَمَلِيًّا وَمُمَارِسَةٌ عَلَى أَرْضِ الوَاقِعِ
فَلَقَدْ كَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَهُ الهِجْرَةِ الشَّابُّ الورع سَيِّدِنَا عَلَى بُنِّ آبِي طَالِبٌ – كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ – لِيَنَامَ مَكَانُهُ لِتَضْلِيلِ مشركي مَكَّةُ كَمَا كَلَفِّهِ بُرُدِ الأَمَانَاتِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ إِلَى أَصْحَابِهَا
وَعَلَى الجَانِبِ الآخَرِ قَامَتْ السَّيِّدَةُ العَظِيمَةُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرُ – ذات النطاقين – فِي إِيصَالِ الغِذَاءِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَةِ سَيِّدِنَا أَبُو بَكْرُ فِي مَأْمَنِهِمَا بَعْدَ خُرُوجِهِمَا لِلهِجْرَةِ إِلَى المَدِينَةِ بَعِيدًا عَنْ أَنْظَارِ المشركين
وَهَا هُوَ الشَّابُّ الشُّجَاعُ سَيِّدُنَا أُسَامَةُ بِنْ زَيْدٌ يَتَحَمَّلُ قِيَادَةَ جَيْشِ المُسْلِمِينَ الَّذِي وِجْهَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بِلَادٍ الشَّامُ لِرَدِّ هُجُومِ الرَّوْمِ المُتَكَرِّرِ عَلَى الدَّوْلَةِ الإِسْلَامِيَّةُ وَكَانَ فِي الجَيْشِ كِبَارَ الصحابة
وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ ثَرْوَةَ العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ فِي شَبَابِهِ وَلِيست فِي مَا يَمْلِكُهُ مِنْ ثَرْوَاتٍ مَادِّيَّةً لِأَنَّ الشَّبَابَ هُمْ عِدَّةُ الأُمَمِ وَهُمْ نِصْفُ الحَاضِرِ وَكُلُّ المُسْتَقْبَلِ فَهِمَ الَّذِينَ يَقُودُونَ بِلَادَهُمْ فِي مُسْتَقْبَلِ الأَيَّامِ
فِعْلَيْ الشَّبَابِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى مُعْجِزَاتٍ عِلْمًا وَصُمُودًا لِيُحَقِّقُوا المُعْجِزَاتِ عَمَلًا وآداء فَحُقُولُ التَّنْمِيَةِ فِي بِلَادِنَا تَمْتَدُّ فِي كُلٍّ إ تُجَاهَ عِلْمِيًّا وَ زِرَاعِيًّا وَصِنَاعِيًّا وَاِقْتِصَادِيًّا وَتَفْتَحُ الطَّرِيقُ أَمَامَ كُلِّ كِفَاحٍ عَمَلًا وَمُمَارَسَةً
وَمِنْ هَذَا المُنْطَلَقِ فَمِنْ الوَاجِبِ عَلَى الشَّبَابِ أَنْ يُحَمِّلُوا رَايَةَ الكِفَاحَ بَنَّاءٌ وَتَعْمِيرًا وَتَنْمِيَةً وَأَنْ يَمْتَدُّوا فِي أَعْمَاقِ مِصْرَ جُذُورٌ رَاسِخَةٌ ثَابِتَةٌ تُعْطِي لِقَوَاعِدِ البِنَاءِ أَقْوَى حَيَاةٌ وَ تَزَيُّدٌ مِنْ مُعَدَّلَاتِ التَّنْمِيَةِ رَاسِيًا وَأُفُقِيًّا
وَعَلَى شَبَابِ اليَوْمِ أَنْ يَكُونُوا فِي الظَّاهِرِ جِبَالًا وَفِي المَعْنَى رِجَالًا فَأَنْتُمْ أَصْحَابُ دَعْوَةٍ وَ رِسَالَةٌ وَ أَصْحَابٌ الرسالات إِنْ لَمْ يَكُنَّ عِنْدَهِمْ القُوَّةُ القَوِيَّةُ فَإِنَّ رِسَالَتَهُمْ تَسْتَمِرُّ حِبْرًا عَلَى وَرَقِ وَصْلِ اللهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٌ وَعَلَى اِلَهُ وَصَحْبُهُ وَسِلْمٌ

Related posts